قصة أبي حنيفة وجاره السكير وشارب الخمر وكيف أعطاه درساً في حق الجار

قصة أبي حنيفة وجاره السكير من أروع القصص التي تتحدث عن الخُلق الحسن، فالعديد من الأشخاص يندمون بسبب امتلاكهم لقلوب نقية، وخُلق رفيع في التعامل مع الآخرين، مُعللين ذلك بعدم تقدير الآخرين لهم، ولكن ما يغفل عنه الكثيرون، أن الأخلاق الحسنة مُعدية وتُصيب كل من أقترب من أصحاب الخُلق الحسن، وقصتنا تلك هي دليل واضح، على ذلك، فما هي قصة أبي حنيفة مع جاره السيئ، هذا ما سنتعرف عليه، من خلال أحداث قصتنا.

قصة أبي حنيفة وجاره السكير

نقدم لكم من خلال هذا الرابط قصص شخصيات إسلامية لمعرفتها، ويروى أنه كان لأبي حنيفة، جار ذو أخلاق سيئة، لا تمس لتعاليم الدين الإسلامي بصلة، فهذا الجار قد اعتاد كل ليلة على السكر، وتناول المحرمات، وكانت تلك العادة سبب رئيسي في ذهاب عقله وقدومه على اقتراف أفعال غير مسئولة، ومؤذية لأبي حنيفة النعمان، فقد كان كلما دخل في غياهب السكر ظل يتراقص ويغني بصوت مرتفع، بصورة كانت تجعل أبي حنيفة يعجز عن مواصلة العبادة في خشوع وسكينة.

ورغم تمادي هذا الجار في أفعاله التي لا يستطيع تحملها إنسان، إلا أن أبي حنيفة كان دائم الصبر، والتمسك بهدوئه، ولم يخطر بباله للحظة أن يؤذي هذا الجار بكلمة، على الرغم من تمادي هذا الجار السيئ في أفعاله المشينة، متناسياً حق جاره عليه، ضارباً بها عرض الحائط.

غياب الجار

لم يكُف هذا الجار عن مواصلة أفعاله تلك، ولو لليلة واحدة، إلى أن حدث في ليلة من الليالي أمر تعجب له أبي حنيفة:

  • فقد أحس أبي حنيفة بهدوء شديد يعُم المكان، ولم يسمع تلك الأصوات الصاخبة التي اعتاد أن يسمعها من جاره هذا كل ليلة، فأصابته الدهشة.
  • ولكنه لم يكتفي بحصوله على الهدوء الذي كان يرجوه دوماً لمواصلة عبادته، وحياته بالصورة التي يرجوها
  • ولكنه قام بالسؤال على جاره هذا، حتى يعرف العلة وراء انقطاع صوته
  • فعلم أبي حنيفة من الناس، أن هذا الجار قام رجال الشرطة بالقبض عليه.
  • لم يكتفي أبي حنيفة بما سمعه من الناس، ولم يعُد لمواصلة حياته شاكراً ربه على انكشاف ذلك البلاء
  • ولكنه أهتم كثيراً بأمر جاره هذا، ولذلك فعند طلوع فجر اليوم الثاني، قام أبي حنيفة بأداء صلاة الفجر، ثم قام بعدها، بركوب بغلته
  • وتوجه لملاقاة الأمير، عازماً على تخليص جاره من يد الشرطة.

شرح الشيخ عائض القرني للقصة

https://youtu.be/2eC1qx9Er3Y?t=25

درس أبي حنيفة لجاره

  • كان أبي حنيفة النعمان يحظى بمقام رفيع عند الأمير، لذلك فعند قدوم أبي حنيفة لبيت الأمير، أبى بشدة أن ينزل أبي حنيفة من فوق بغلته، إلا داخل البيت
  • وبالفعل دخل أبي حنيفة بيت الأمير وهو راكب بغلته، ولم ينزل من فوقها إلا عندما اقترب من البساط، من شدة تكريم الأمير له، وتقديره إياه.
  • ثم أمر الأمير أبي حنيفة، بأن يجلس بجانبه، وهذا بعد أن رحب به ترحيب شديد، يدل على تقديره الكبير لأبي حنيفة
  • وبمجرد جلوس أبي حنيفة بجوار الأمير، طلب منه راجياً أن يقوم بإطلاق سراح جاره
  • وبسبب مقام أبي حنيفة النعمان الكبير عند الأمير، أمر بإطلاق سراح جميع من قُبض عليهم في تلك الليلة وما بعدها
  • ثم خرج أبي حنيفة من بيت الأمير، متوجهاً إلى بيته
  • وبينما هو راكب بغلته كان جاره هذا يسير ورائه
  • وقد كساه الحياء والندم، على ما كان يصدر منه في حق أبي حنيفة، من إيذاء شديد.

وبمجرد وصول أبي حنيفة إلى بيته

  • هبط من فوق بغلته، وقام بالتقدم نحو جاره وسأله
  • إن كان قد أضاعه
  • فأجابه الجار بصوت يعلوه الامتنان وبالغ الاحترام: لا ولكنك قد حفظتني ورعيتني
  • وبالغ في شكره له بسبب تقديره لحُرمة جيرته، وما صدر منه من اهتمام شديد بأمر اعتقاله، والذي كان سبب رئيسي في الإفراج عنه، وحصوله على حُريته من جديد.
  • وكان هذا سبب في توبة هذا الجار، ورجوعه إلى ربه
  • وإعراضه عن شرب الخمر، طوال حياته، حتى لقى ربه تائب من هذا الفعل المحرم
  • وليس هذا فقط ولكنه قد تعلم من أبي حنيفة أيضاً كيف يحافظ على حقوق جيرانه
  • وألا  يقدم على أي فعل يكون سبب في تضييع تلك الحقوق.

ما نستخلصه من القصة

من تلك القصة نتعلم:

  • أن الأخلاق الحسنة لا تأتي إلا بالخير،
  • وأن التمسك بأخلاق الدين الإسلامي، التي أمرنا بها المولى سبحانه، سوف تكون بمثابة إعلان عن سماحة الدين الإسلامي وأخلاقه.

وهذا هو ما فعله أبي حنيفة النعمان، حيث تمثل بأخلاق رسوله الكريم، صلى الله عليه وسلم، والذي كان قرآن يمشي على الأرض، فكان صورة تعكس أخلاق هذا الدين، وسماحته وروعة مبادئه، فمن الواجب على كل فرد مسلم أن يكون في خُلقه آية، فبذلك سوف تصبح الحياة أفضل، وستنتهي الخلافات التي كانت سبب رئيسي في حدوث الكثير من الجرائم.